معضلة الانسحاب: شركات أمريكية عالقة بين روسيا وأوكرانيا
الشركات الغربية في روسيا: معضلة البقاء أو المغادرة
يواجه عدد من الشركات الغربية معضلةً حقيقية في روسيا، تتمثل في الاختيار بين البقاء أو المغادرة في ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة. فالمغادرة، وإن بدت خيارًا أخلاقيًا للبعض، تأتي بتكاليف باهظة وخسائر فادحة، في حين أن البقاء يثير تساؤلات حول التمويل غير المباشر للصراع في أوكرانيا.
يُشير دانييل تانيباوم، من شركة أوليفر وايمان للخدمات المالية، إلى صعوبة استرداد التكاليف للشركات التي ترغب في الخروج من السوق الروسية. ويصف الأمر بأنه “بيع بأسعار بخسة”، حيث يسعى الجميع إلى تقليل الخسائر إلى أدنى حد ممكن لحماية مصالح مساهميهم.
فعلى سبيل المثال، أعلن سيتي جروب عن إغلاق آخر فروعه في روسيا في 15 نوفمبر 2024، منهيًا بذلك خدماته المصرفية للأفراد. وكان البنك، الذي كان من بين أكبر 20 بنكًا روسيًا من حيث الأصول، يُخطط للانسحاب منذ عام 2021، قبل غزو أوكرانيا. إلا أن هذا الخروج كلفه 9.1 مليار دولار، أكثر من 80% منها عبارة عن أرباح محجوزة داخل روسيا.
وليس سيتي جروب وحده، فقد خاض بنك JPMorgan Chase معركة قانونية طويلة مع بنك VTB الروسي، متنازلاً في النهاية عن مطالبته بأصول مجمدة بقيمة 439.5 مليون دولار. هذه الحالات تُظهر التكلفة الباهظة للخروج من السوق الروسية.
الضرائب: تمويل غير مباشر؟
في أغسطس 2024، أفادت وسائل إعلام أوكرانية أن عشر شركات دولية كبرى دفعت ضرائب للحكومة الروسية بقيمة 1.78 مليار جنيه إسترليني عن أرباح العام الماضي. ومن بين هذه الشركات، دفع بنك رايفايزن 491 مليون دولار، وبيبسيكو 135 مليون دولار، ومارس 99 مليون دولار. وقد قرر رايفايزن تقليص عملياته في روسيا، متوقعًا انخفاضًا في صافي أرباحه السنوية بنسبة 16%.
وبحسب كلية الاقتصاد في كييف، حققت شركة مارس أرباحًا في روسيا عام 2023 بزيادة قدرها 295 مليون دولار عن عام 2022، متجاوزةً أرباح عام 2021 بنسبة 20%. ولا تزال الشركة تُعلن عن وظائف شاغرة في روسيا، مما يُشير إلى استمرار عملياتها هناك.
مبررات البقاء
على الجانب الآخر، يُدافع البعض عن قرار البقاء في روسيا، نافيًا تأثير ذلك على الحرب في أوكرانيا. ومن بين هؤلاء، ديرك فان دي بوت، الرئيس التنفيذي لشركة موندليز، الذي برر قرار شركته بالبقاء في مقابلة مع بلومبرج. وأكد فان دي بوت أن مغادرة روسيا لن تُوقف الحرب، مُشيرًا إلى أن مخاطر الخروج تفوق بكثير مخاطر البقاء.
وأوضح أن أعمال الشركة في روسيا تُمثل 2.8% فقط من إيراداتها العالمية، مؤكدًا عدم ضغط أي مستثمر كبير على الشركة للانسحاب.
يبقى قرار البقاء أو المغادرة معضلةً معقدة للشركات الغربية في روسيا، مع تداعيات اقتصادية وأخلاقية كبيرة.
الكلمات المفتاحية: روسيا، أوكرانيا، شركات غربية، عقوبات، انسحاب، خسائر، ضرائب، موندليز، سيتي جروب، JPMorgan Chase، رايفايزن، بيبسيكو، مارس.