شائعة تعدد الزوجات في تونس: البرلمان ينفي ويثير الجدل
جدلٌ في تونس حول شائعات إباحة تعدد الزوجات
في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، انتشرت شائعةٌ كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما صفحات فيسبوك المؤيدة للرئيس قيس سعيد، زعمت أن البرلمان التونسي يُعدّ مرسومًا لإباحة تعدد الزوجات، مُهددًا بذلك قانون الأحوال الشخصية الذي يُعتبر حجر الزاوية في الهوية التقدمية لتونس. أثار هذا الادعاء، رغم افتقاره لأيّ أساسٍ من الصحة أو مصادر موثوقة، جدلًا واسعًا على منصات مثل فيسبوك وتيك توك، بين مُرحّبٍ بعودةٍ مزعومةٍ للشريعة الإسلامية، وبين مُندّدٍ بتراجع الحريات في عهد سعيد.
يُحظر قانون الأحوال الشخصية، الذي أصدره الرئيس الحبيب بورقيبة عام 1956، تعدد الزوجات، ما جعل تونس رائدةً في مجال حقوق المرأة في المنطقة العربية. في حين يُبيح الإسلام للرجل الزواج بأربع نساء، فإنّ تونس حاربت هذه الممارسة منذ عقود.
سارع نوابٌ موالون لسعيد إلى نفي هذه الشائعات جملةً وتفصيلًا. فقد أكدت النائبة فاطمة المسادي عبر حسابها على فيسبوك عدم وجود أيّ نيةٍ لتشريع تعدد الزوجات، مُضيفةً ساخرةً أنه لو استمر تداول هذه الشائعات، فربما يُقترح مرسومٌ لتحقيق المساواة التامة بين الرجل والمرأة.
هل الشائعات مُجرد بالون اختبار؟
يُثير هذا الجدل تساؤلاتٍ حول دوافعه الحقيقية. فليست هذه المرة الأولى التي تُطرح فيها مسألة تعدد الزوجات في تونس. ففي عام 2011، وخلال صعود حركة النهضة الإسلامية إلى السلطة بعد الثورة، أُثيرت هذه القضية مُسببةً جدلًا حادًا. وترى المرأة التونسية في أيّ مُحاولةٍ لتعديل قانون الأحوال الشخصية تهديدًا مُباشرًا لحقوقها التي ناضلت من أجلها طويلًا.
تُعبّر الناشطة رانيا حمامي عن قلقها من أن تكون هذه الشائعات مُجرد بالون اختبارٍ من قِبل السلطة لاستشراف ردود فعل الرأي العام، مُشيرةً إلى أنَّ انتشارها السريع يعكس المناخ العام المُحافظ الذي يسود البلاد. يُؤيد هذا الرأي تقريرٌ نشرته “ألترا تونس”، وهي وسيلة إعلامية محلية، أشار إلى أن الشائعة استفادت من النهج المُحافظ للسلطات.
تناقضات سعيد تجاه حقوق المرأة
يتخذ الرئيس قيس سعيد، الذي وصل إلى السلطة عام 2019، موقفًا مُلتبسًا تجاه حقوق المرأة. فبينما يُصوّر نفسه كرجلٍ من الشعب، ويُعلن دعمه لحقوق المرأة بتعيين نجلاء بودن أول رئيسة حكومة في المنطقة العربية عام 2021، إلا أنه سرعان ما استبدلها برئيس وزراءٍ ذكر، وألغى مبدأ التناصف في المجالس المُنتخبة. كما تتوافق بعض آرائه مع آراء الإسلاميين، كرفضه المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.
يُضاف إلى ذلك التضييق المُتزايد على حريات التعبير، حيث يُواجه مُستخدمو تيك توك خطر السجن بسبب مُحتوىً يُعتبر “غير لائق” وفقًا لتوجيهات وزارة العدل. يبدو أنَّ المساواة بين الجنسين قد تراجعت إلى الخلفية في ظل تركيز سعيد على مُحاربة الفساد و”أعداء الدولة”. ويبقى السؤال مطروحًا: هل تُمثّل شائعة تعدد الزوجات مُؤشرًا على تراجعٍ مُحتملٍ في حقوق المرأة بتونس؟
Keywords: تونس، قيس سعيد