تحذيرات من كارثة صحية بغزة بعد الحرب
تداعيات الحرب على غزة: أزمة صحية ونفسية متفاقمة
(الكلمات المفتاحية: غزة، حرب، صحة، سوء تغذية، وفيات، أطباء، نفسية، إعادة إعمار، إسرائيل)
حذّر طبيبان بريطانيان، عملا في غزة بعد حرب أكتوبر 2023، من تداعيات كارثية طويلة الأمد على القطاع الصحي، قد تتجاوز بكثير الخسائر البشرية المباشرة للحرب. وفي حديثهما لصحيفة “الجارديان”، أشار الدكتور غسان أبو سيتا والدكتورة إيما مامود إلى تفاقم أزمة صحية متعددة الأوجه، تتمثل في ارتفاع معدلات الأمراض المعدية، وانتشار سوء التغذية، وانهيار نظام الرعاية الصحية جراء الهجمات الإسرائيلية. وأكدا أن هذه العوامل مجتمعة ستؤدي إلى ارتفاع غير طبيعي في معدل الوفيات في غزة حتى بعد وقف إطلاق النار.
أعرب الدكتور أبو سيتا عن قلقه البالغ إزاء مستويات سوء التغذية المرتفعة بين الأطفال، محذراً من أن العديد منهم قد يعانون من آثار صحية دائمة. وأشار إلى دراسات تُظهر أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية خلال الحروب يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة في مراحل لاحقة من حياتهم، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم. وأكد أن سرعة إعادة إعمار غزة ستلعب دوراً حاسماً في التخفيف من هذه الآثار طويلة المدى.
من جانبها، أشارت الدكتورة مامود إلى أن عدد “الوفيات غير المباشرة” الناتجة عن الحرب، والتي تشمل الوفيات الناجمة عن نقص الرعاية الصحية والأدوية، قد يتجاوز بكثير الأرقام الرسمية المعلنة. وقدّرت بعض الدراسات أن العدد الحقيقي للوفيات قد يصل إلى 186,000، أي ثلاثة أضعاف الرقم الذي أعلنته وزارة الصحة في غزة (61,707).
سلط كلا الطبيبين الضوء على استهداف الكوادر الطبية والبنية التحتية الصحية في غزة خلال الحرب. وأوضح الدكتور أبو سيتا أن تخصصات طبية بأكملها قد دُمّرت، وأن إعادة بناء هذه الكفاءات قد يستغرق سنوات طويلة. كما أشار إلى أن تدمير البنية التحتية، بما في ذلك شبكات الصرف الصحي، ساهم في انتشار الأمراض، وهو ما وثّقه في شهادته أمام سكوتلاند يارد والمحكمة الجنائية الدولية.
ندوب نفسية عميقة
إلى جانب الأزمة الصحية، حذّرت الدكتورة مامود من الآثار النفسية المدمرة للحرب على سكان غزة. وأوضحت أن التركيز الحالي على تلبية الاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة يحجب هذه الآثار النفسية، لكنها ستظهر بشكل جليّ في الأشهر المقبلة، وستتجلى في مختلف أشكال المعاناة النفسية. وكانت الدكتورة مامود قد شبّهت غزة بـ”هيروشيما” في شهادتها أمام لجنة التنمية الدولية في البرلمان البريطاني العام الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور غسان أبو سيتا واجه صعوبات كبيرة في نقل شهادته عن الوضع في غزة، حيث تعرّض لمضايقات ومراقبة من قبل السلطات الألمانية، وفرض عليه حظر سفر على مستوى منطقة شنغن، تم رفعه لاحقاً.
(النمط الكتابي: صحفي)