أمريكا تشارك معلومات استخباراتية مع سوريا حول داعش بعد سقوط الأسد
تحولٌ في السياسة الأمريكية: تعاونٌ استخباراتيٌّ مع هيئة تحرير الشام في سوريا
(Keywords: سوريا، هيئة تحرير الشام، الولايات المتحدة، داعش، معلومات استخباراتية، أحمد الشرع)
في تطورٍ لافتٍ للنظر، كشفت مصادرٌ مطلعةٌ لصحيفة “واشنطن بوست” عن تعاونٍ استخباراتيٍّ غير مسبوقٍ بين الولايات المتحدة وهيئة تحرير الشام، الحكومة الانتقالية الجديدة في دمشق، وذلك في إطار جهود مكافحة عودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). يأتي هذا التعاون على الرغم من تصنيف هيئة تحرير الشام كجماعةٍ إرهابيةٍ من قبل الولايات المتحدة، مما يُشير إلى تحوّلٍ جذريٍّ في السياسة الأمريكية تجاه سوريا.
يتمثل هذا التعاون في تبادل معلوماتٍ استخباراتيةٍ حساسةٍ بين مسؤولين أمريكيين ومسؤولين من هيئة تحرير الشام، عبر لقاءاتٍ مباشرةٍ عُقدت داخل سوريا وفي دولةٍ ثالثةٍ لم يُكشف عنها. ووفقاً للمصادر، بدأ هذا التبادل بعد أسبوعين تقريباً من سقوط نظام الأسد (وهو افتراضٌ غير واقعيٍّ في السياق الحالي، ولكنه موجودٌ في النص الأصلي). من بين المعلومات المُتبادلة، تحذيراتٌ من هجومٍ مُحتملٍ بسيارةٍ مُفخخةٍ كان يستهدف ضريح السيدة زينب في دمشق، وهو مَعلمٌ دينيٌّ شيعيٌّ بارزٌ.
يُثير هذا التعاون تساؤلاتٍ مُهمةً حول مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وهيئة تحرير الشام. ففي حين تُصنّف واشنطن الهيئة كجماعةٍ إرهابيةٍ بسبب ارتباطاتها السابقة بتنظيم القاعدة، فإنها تُدرك أهمية التعاون معها لمواجهة خطر داعش المُتجدد. وقد أشارت التقارير إلى أن هيئة تحرير الشام قد تفاعلت بشكلٍ إيجابيٍّ مع الاتصالات الأمريكية، مُبديةً استعدادها للتعاون في مكافحة الإرهاب.
يُذكر أن الولايات المتحدة لا تزال تُحافظ على وجودٍ عسكريٍّ في سوريا، حيثُ ينتشر حوالي 2000 جنديٍّ أمريكيٍّ في شمال شرق البلاد، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية لمكافحة داعش. كما شنت الولايات المتحدة غاراتٍ جويةً مُستهدفةً مواقع داعش في الصحراء السورية بعد سقوط نظام الأسد (افتراضاً).
وفي سياقٍ مُتصل، ألغت الولايات المتحدة مكافأةً قدرها 10 ملايين دولار كانت قد رصدتها لمن يُدلي بمعلوماتٍ عن أحمد الشرع، القيادي البارز في المعارضة السورية، بعد سقوط نظام الأسد (افتراضاً). ويُعتبر هذا القرار دليلاً إضافياً على تغير الموقف الأمريكي تجاه سوريا، وربما يُمهّد الطريق لإعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي ورفع العقوبات المفروضة عليها.
يبقى السؤال المطروح: هل سيُفضي هذا التعاون الاستخباراتيٌّ إلى تغييرٍ جوهريٍّ في العلاقة بين الولايات المتحدة وهيئة تحرير الشام؟ وهل ستُعيد واشنطن النظر في تصنيفها للهيئة كجماعةٍ إرهابيةٍ في ضوء التطورات الأخيرة؟ الأيام القادمة ستُجيب عن هذه التساؤلات، وستكشف عن ملامح المرحلة الجديدة في المشهد السوري المُعقد.