دليل كندا حول معاداة السامية يُثير جدلاً: تكميم أفواه منتقدي إسرائيل؟
دليل كندا الجديد حول معاداة السامية يثير جدلاً حاداً
أثار دليلٌ جديدٌ حول معاداة السامية، نشرته حكومة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، موجةً من الانتقادات، لا سيما من نشطاء حقوق الإنسان الفلسطينيين الذين يرون فيه أداةً محتملةً لتكميم الأفواه وقمع أي انتقادٍ مُوجّهٍ لإسرائيل. يُخشى أن يُستخدم هذا الدليل، الذي صدر يوم الخميس، لاستهداف النشطاء المُؤيدين للقضية الفلسطينية.
وصفت الحكومة الكندية الدليل، المُستند إلى التعريف العملي للتحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لمعاداة السامية، بأنه “مصدرٌ تعليميٌّ ضمن التزامها بمكافحة معاداة السامية”. إلا أن منظمة “كنديون من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط” (CJPME) ترى أن هذا الدليل “سيُلقي بظلاله الثقيلة على الخطاب والنشاط المُؤيد لفلسطين”. وقد أرسل أكثر من 11,000 كندي، بحسب CJPME، رسائل بريد إلكتروني لرئيس الوزراء ترودو يُطالبونه بسحب الدليل.
يكمن جوهر الجدل في اعتماد الدليل على تعريف IHRA لمعاداة السامية، والذي يعتبره الكثيرون مُلتبساً، حيث يخلط بين انتقاد سياسات إسرائيل والخطاب المعادي للسامية. ومن النقاط الأكثر إثارةً للجدل اعتبارُ انتقاد إسرائيل ”كدولةٍ عرقية” شكلًا من أشكال معاداة السامية. تُحذر CJPME من أن هذا يُمكن أن يُؤدي إلى مُلاحقة الأفراد والمؤسسات التي تُنتقد العنصرية المُمنهجة داخل إسرائيل، بدلًا من مُكافحة التمييز.
يزيدُ من حدة الجدل ادعاءُ الدليل أن مُعارضة الأيديولوجية الصهيونية يُعتبر أيضًا من أشكال معاداة السامية، مُعرّفًا الصهيونية فقط على أنها حق تقرير المصير لليهود في وطنهم التاريخي. يُشير المُنتقدون إلى أن هذا التعريف يتجاهل تمامًا الدور التاريخي والمعاصر للصهيونية في تهجير الفلسطينيين وقمعهم، بدءًا من النكبة، مرورًا بالاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، وصولًا إلى الحروب المُتكررة على غزة.
يُقدم الدليل أمثلةً على ما يُعتبره معاداةً للسامية، منها منشوراتٌ على وسائل التواصل الاجتماعي تُصنف إسرائيل على أنها ”استعمارية” أو تُؤكد على استحالة التوفيق بين مُناهضة العنصرية والصهيونية. كما يُدرج إلغاء دعوة مُتحدثةٍ من مُشاركةٍ في فعاليةٍ لمُجرد خدمتها في الجيش الإسرائيلي ضمن الأمثلة. تُحذر CJPME من أن هذه الأمثلة ستُستخدم لإسكات الأصوات الفلسطينية وكبت حُرية التعبير فيما يتعلق بانتقاد إسرائيل.
يأتي نشر هذا الدليل في ظل انتقاداتٍ مُوجهةٍ لترودو بسبب مواقفه المُنحازة لإسرائيل، بما في ذلك تردده في الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وفرض حظرٍ جزئيٍ على الأسلحة لإسرائيل، والذي لا يزال يسمح ببيع الأسلحة الهجومية التي يُمكن استخدامها ضد المدنيين في غزة. كما أثار اختيار ترودو لدیبورا لیونز، المبعوثة الكندية الخاصة للحفاظ على ذكرى المحرقة ومكافحة معاداة السامية والسفيرة السابقة لدى إسرائيل، لقيادة صياغة الدليل، المزيد من التساؤلات.
يعتبر مايكل بوكيرت، نائب رئيس CJPME، أن هذا الدليل “يُشكل تهديدًا مُباشرًا للحريات المدنية، وسيُستهدف مُنتقدي الانتهاكات الإسرائيلية، وخاصةً الفلسطينيين”. ويُطالب المؤسسات الكندية برفض استخدام هذا الدليل.
الكلمات المفتاحية: معاداة السامية، جاستن ترودو، إسرائيل، فلسطين، CJPME، IHRA، الصهيونية، غزة، حرية التعبير، ديبورا ليونز.