شعر الزمن والذاكرة والمنفى
بين ثنايا الذات: غسان زقطان يستكشف هشاشة الوجود في “الغُرباء ذوو المعاطف الخفيفة”
يُقدّم لنا الشاعر الفلسطيني غسان زقطان في مجموعته الشعرية الجديدة ”الغُرباء ذوو المعاطف الخفيفة” (دار النشر 2023)، الصادرة عن دار النشر، رحلةً شعريةً عميقةً في أعماق الذات الإنسانية، مُستكشفاً مواضيعَ مُلحةً مثل الهشاشة، والاغتراب، والبحث عن معنى الوجود.
تُشكّل هذه المجموعة، التي كُتبت بين عامي 2014 و 2020، امتدادًا طبيعيًا لعمل زقطان الشعري، حيث تستمرّ في الغوص في عوالمه الداخلية الغنية، مُصوّرةً صراعاته وتأمّلاته بلغةٍ شعريةٍ مُوحيةٍ وصادقةٍ.
يُمكن اعتبار “الغُرباء ذوو المعاطف الخفيفة” بمثابة مرآةٍ تعكس هشاشة الوجود الإنساني، فمن خلال قصائدها المُفعمة بالصور الشعرية القوية، يُجسّد زقطان شعورًا عميقًا بالضياع والاغتراب في عالمٍ مُضطربٍ.
يقول زقطان في إحدى قصائده:
“إنها تعلّم في قلبه،
بطريقةٍ لا يرقى إليها شكّها،
أنّها سهمٌ على أرضه”
تُسلّط هذه السطور الضوء على هشاشة الإنسان أمام قوىً خارجيةً تتجاوزه، وتُشكّل تهديدًا دائمًا لاستقراره.
يُوظّف زقطان لغةً شعريةً مُكثّفةً ودقيقةً، مُستخدماً صورًا مُبتكرةً ومُوحيةً لرسم عوالمه الداخلية. وتُضفي هذه اللغة على قصائده بُعدًا جماليًا مُؤثرًا، وتُساعد القارئ على الغوص في عُمق تجربته الشعرية.
يُمكن مُلاحظة تأثّر زقطان الواضح بالواقع الفلسطيني المُعاش، حيث تتسرّب تفاصيل الحياة اليومية في فلسطين، بأفراحها وأتراحها، إلى نسيج قصائده، مُضيفةً عليها طبقةً أخرى من العمق والرمزية.
يقول زقطان في قصيدةٍ أخرى:
“ما الذي يحدُث للذين يملكون معاطفَ خفيفةً؟
مُهدّدين بالمطر، وأعلامهم البيضاء، وأنفاسهم،
وحتى بابتساماتهم المُتعبة والمرهقة.”
تُعبّر هذه الكلمات عن شعورٍ عامٍ بالخوف والقلق الذي يُسيطر على حياة الفلسطينيين، الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال.
تُشكّل “الغُرباء ذوو المعاطف الخفيفة” إضافةً هامةً إلى مسيرة غسان زقطان الشعرية، فهي مجموعةٌ مُتكاملةٌ تُجسّد نُضجًا فنيًا ولغويًا واضحًا.
وتتميّز المجموعة بالآتي:
اللغة الشعرية المُوحية: يَبرع زقطان في استخدام اللغة الشعرية بطريقةٍ مُبتكرةٍ ومُوحيةٍ، مُستخدماً صورًا شعريةً قويةً تُضفي على قصائده بُعدًا جماليًا مُؤثرًا.
التركيز على الذات الإنسانية: تُركّز المجموعة على استكشاف أعماق الذات الإنسانية، مُصوّرةً صراعاتها وتأمّلاتها في عالمٍ مُضطربٍ.
التأثّر بالواقع الفلسطيني: تتسرّب تفاصيل الحياة اليومية في فلسطين إلى نسيج قصائد زقطان، مُضيفةً عليها طبقةً أخرى من العمق والرمزية.
وتُثير المجموعة العديد من التساؤلات حول:
هشاشة الوجود الإنساني: كيف يُمكن للإنسان أن يُحافظ على توازنه في عالمٍ مُضطربٍ ومُليءٍ بالتحدّيات؟
معنى الحياة: ما هو الهدف من وجودنا في هذا العالم؟
الهوية والانتماء: كيف يُمكن للإنسان أن يُحافظ على هويته في ظلّ ظروفٍ صعبةٍ؟
تُعدّ “الغُرباء ذوو المعاطف الخفيفة” دعوةً إلى التأمّل في هشاشة الوجود الإنساني، والبحث عن معنىً للحياة في عالمٍ مُتغيّرٍ باستمرار.
مُلخّص:
تُقدّم مجموعة “الغُرباء ذوو المعاطف الخفيفة” لغسان زقطان رحلةً شعريةً عميقةً في أعماق الذات الإنسانية، مُستكشفةً مواضيعَ مُلحةً مثل الهشاشة، والاغتراب، والبحث عن معنى الوجود. وتتميّز المجموعة بلغتها الشعرية المُوحية، وتركيزها على الذات الإنسانية، وتأثّرها بالواقع الفلسطيني.## غسان زقطان: عندما تُصبح الذاكرة ملاذاً من رحلة البحث عن الذات
يُعدّ غسان زقطان، شاعر فلسطيني بارز، من الأصوات الأدبية التي سعت لاستكشاف ثيمات الذاكرة والهوية والاغتراب في كتاباته، مُسلّطاً الضوء على تجربة الإنسان في مواجهة تحديات الحياة.
صدر لزقطان مؤخراً ديوان شعري بعنوان “الغرباء في معاطف خفيفة” (منشورات النورس 2023)، وهو عملٌ يجمع قصائد كُتبت بين عامي 2014 و 2020، مُستمدّاً إلهامه من رحلاته وتجاربه الشخصية.
وبالرغم من تنوّع موضوعات قصائد زقطان، إلا أنّها تتقاطع عند نقطةٍ مشتركة، ألا وهي قدرة الإنسان على التكيّف مع مُتغيّرات الحياة. ففي قصائده، نجدُ صوراً مُعبّرة عن الفرح والحزن، الحبّ والفقدان، مُشكّلةً لوحةً إنسانيةً صادقةً تعكس عمق تجربته.
يُمكن القول إنّ الذاكرة تُشكّل عنصراً محورياً في شعر زقطان، فهي ليست مجرّد أحداثٍ من الماضي، بل هي ملاذٌ يلجأ إليه الإنسان في رحلة بحثه عن ذاته.
“إنّها تُعلّمُني في قلبِها،”
“بطريقةٍ لا تُشبهُ غيرَها،”
“أنّني كُنتُ هنا ذاتَ وطأةٍ وَلَهَبٍ.”
تُضفي لغة زقطان الشعرية، بما فيها من صورٍ مُوحيةٍ وإيقاعٍ مُتمكّن، جماليةً خاصةً على قصائده.
يُمكن القول إنّ شعر زقطان يُقدّمُ للقارئ تجربةً أدبيةً مُثريةً، تُلامسُ مشاعره وتُثيرُ تأملاته.
## بين الواقع والخيال: رحلةٌ في عُمق التجربة الإنسانية
يُميّز شعر زقطان اعتماده على لغةٍ شعريةٍ مُكثّفةٍ، تعتمد على الصور والاستعارات، مُشكّلةً عالماً خاصاً يندمج فيه الواقع بالخيال.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يتناول زقطان في شعره قضايا إنسانيةً عديدة، مثل الحرية والعدالة الاجتماعية، مُسلّطاً الضوء على معاناة الإنسان في ظلّ الظروف القاسية.
ومن أبرز سمات شعر زقطان اعتماده على التناصّ مع التراث العربي، حيثُ نجده يستحضر شخصياتٍ وأحداثاً من التاريخ والأدب العربي، مُضفياً على قصائده بعداً ثقافياً وتاريخياً مُهما.
## تأثير غسان زقطان في المشهد الأدبي
لا شكّ أنّ غسان زقطان يُعدّ من أبرز شعراء العالم العربي في الوقت الحاضر، حيثُ حازت أعماله على إشادة النقاد والجمهور على حدّ سواء.
وقد تُرجمت أعمال زقطان إلى لغاتٍ عديدة، ونال العديد من الجوائز الأدبية المرموقة، مما يُؤكّد على مكانته الأدبية المُتميّزة.
## مقتطفات من أعمال غسان زقطان
نختتم حديثنا عن غسان زقطان بمجموعةٍ من المقتطفات من أعماله الشعرية:
“ما من أحدٍ يستطيعُ أنْ يُعيدَ إليّ ما فقدتُهُ،”
“أو أنْ يُعيدَني إلى ما كُنتُهُ.”
“بيننا كانَ هناكَ وطنٌ وتاريخٌ وحياةٌ.”
وتُعدّ هذه المقتطفات نموذجاً صغيراً على جمال لغة زقطان الشعرية، وعمق أفكاره ومشاعره.
## خاتمة
يُقدّم غسان زقطان في شعره رؤيةً إنسانيةً عميقةً، تُلامسُ هموم الإنسان وتطلّعاته، وتُثيرُ في نفسه التساؤلات حول معنى الحياة والوجود.
ولا شكّ أنّ أعمال زقطان ستظلّ خالدةً في ذاكرة الأجيال القادمة، شاهدةً على إبداع أحد أهمّ الأصوات الشعرية في العالم العربي.
ذاكرة تتحدى النسيان: رحلة غسان زقطان الشعرية في “غرباء في المعاطف الخفيفة”
في مجموعته الشعرية الجديدة “غرباء في المعاطف الخفيفة” (دار النورس، ٢٠٢٣)، يأخذنا الشاعر الفلسطيني غسان زقطان في رحلة مؤثرة عبر دروب الذاكرة، حيث تتصادم عوالم مختلفة وتتفكك، لتعود مُجدداً مُقيدةً بقيود الخسارة.
يُقدم الكتاب مختارات من قصائد زقطان كُتبت باللغة الإنجليزية بين عامي ٢٠١٤ و٢٠٢٠، مُقتطفة من أربع مجموعات شعرية مختلفة. وعلى الرغم من تقسيم الكتاب إلى ستة أجزاء، إلا أن المواضيع التي يستحضرها الشاعر تتدفق بسلاسة من قسم إلى آخر، لتزداد قوةً مع كل قصيدة جديدة، وكأنما تُخبرنا أن الذاكرة تكبر مع اتساع جراح الخسارة.
لا تُقيد ذاكرة زقطان بقيود الزمن، بل تتجاوزه لتصبح ملاذاً آمناً من قيود الواقع. وبالنسبة للفلسطينيين، تُصبح الذاكرة مُقيدةً بحدود الاستعمار، مما يخلق بُعداً زمنياً جديداً، عالماً كانت فيه الذاكرة حرةً طليقة.
يندمج الزمن مع العمر في شعر زقطان، وتسيطر الذاكرة على المشهد، لتعيد القارئ إلى الماضي وكأنه يعيشه في الحاضر. ويتشابك هذان البعدان، الزمن والذاكرة، ليشكلا معاً ملامح المنفى الذي يُلهم الشاعر ويرشد القارئ إلى فهم معنى الخسارة الحقيقية.
يُصور زقطان شعور الفراغ الذي يُلازم تجربة المنفى، وكيف أن هذا الفراغ يبقى حاضراً حتى بعد زوال أسبابه. في قصيدته “عندما يحدث ذلك”، يُجسد الشاعر هذا الشعور ببراعة:
“إنه يعلم في قلبه،
>
بطريقة لا يعرف عنها شيئًا،
>
أنه وصل إلى أرضه”
تتردد أصداء العنف الاستعماري الإسرائيلي في قصائد زقطان، لتُصبح جزءاً لا يتجزأ من نسيج الذاكرة. ففي قصيدة “أمطرت في الشارع القصير والمحاط بالأشجار”، تتحول ذكريات بسيطة إلى مشاهد قاتمة، ليصبح المطر رمزاً للخسارة وليس مجرد عنصراً جمالياً في المشهد.
الكلمات المفتاحية: غسان زقطان، غرباء في المعاطف الخفيفة، شعر، ذاكرة، فلسطين، المنفى، الخسارة، الاستعمار.