توسع البريكس: هل يشكل تحالفًا جديدًا أم مجرد منتدى للحوار؟
## مستقبل مجموعة البريكس: بين الطموح والتحديات
تُشكل مجموعة البريكس، التي تضمّ الآن تسع دول بعد انضمام مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا في يناير 2024، كتلةً ديموغرافية واقتصادية ضخمة، حيثُ يقطنها حوالي 3.5 مليار نسمة (حوالي 45% من سكان العالم) ويمثلون 35% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومع إضافة الأعضاء الجدد، ولا سيما إيران والإمارات، تُسيطر المجموعة على 30% من إنتاج النفط العالمي، مما يُعزز من وزنها على الساحة الدولية.
## طموحات الإصلاح ومخاوف النفوذ
تُطالب دول البريكس بإصلاح النظام الدولي، بما في ذلك إعادة هيكلة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لكنّ هذا الطموح يصطدم بتحفظات بعض الأعضاء، لا سيما روسيا والصين، اللتان تتمتّعان بعضوية دائمة في المجلس، وبالتالي بموقع نفوذ لا تبديان حماسةً كبيرة للتخلي عنه.
وعلى الرغم من أنّ الغرب، ممثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية، لا يرى في مجموعة البريكس “منافسًا جيوسياسيًا” في الوقت الراهن، إلا أنّ تنامي قدراتها الاقتصادية وتأثيرها السياسي يُثير تساؤلاتٍ حول طبيعة علاقتها المستقبلية مع القوى الغربية.
## التوسع: فرص وتحديات
أثار توسّع مجموعة البريكس تساؤلاتٍ حول قدرتها على الحفاظ على تماسكها وتحقيق أهدافها. فبينما رحّبت بعض الدول، مثل الصين، بانضمام أعضاء جُدد، أبدت دول أخرى، مثل البرازيل والهند، تحفظاتٍ حيال التوسّع السريع، خوفًا من تعقيد عملية صنع القرار.
ولمواجهة هذا التحدي، اقترحت روسيا إنشاء صفة “الدولة الشريكة” كبديلٍ عن العضوية الكاملة، مما يسمح لدولٍ مثل الجزائر وإندونيسيا وكازاخستان وماليزيا ونيجيريا وتركيا وأوغندا وأوزبكستان وفيتنام بالمشاركة في أنشطة المجموعة دون أن تتمتّع بجميع حقوق وواجبات الأعضاء.
## التحديات الداخلية: بين التعاون والمنافسة
يُعدّ التعاون الاقتصادي أحد أبرز مجالات عمل مجموعة البريكس، حيثُ أطلقت بنك التنمية الجديد (NDB) لتمويل مشاريع البنية التحتية في الدول النامية. وقدّم البنك، منذ إنشائه عام 2016، قروضًا بقيمة 32 مليار دولار لتمويل 96 مشروعًا في قطاعات حيوية مثل الطرق والجسور والسكك الحديدية وشبكات المياه.
لكنّ التحدي الأكبر الذي يواجه مجموعة البريكس يكمن في قدرتها على تجاوز الخلافات السياسية بين أعضائها، لا سيما الخلافات بين روسيا والصين من جهة، والهند من جهة أخرى، وإيجاد أرضية مشتركة للتعاون.
## مستقبلٌ غامض
يبقى مستقبل مجموعة البريكس مرهونًا بقدرة أعضائها على تجاوز خلافاتهم وتنسيق مواقفهم. ففي حين تُشير بعض المؤشرات إلى إمكانية تحوّلها إلى قوةٍ مؤثرة على الساحة الدولية، يبقى من المرجح، على المدى القريب، أن تظلّ منتدىً للحوار وتبادل وجهات النظر أكثر من كونها كتلةً متماسكةً وقادرةً على فرض أجندتها الخاصة.