لبنان بعد الحرب: هل تتكرر مأساة 2006؟
## لبنان بين حربين: هل يتكرر سيناريو 2006؟
مع استمرار دوي القصف في لبنان واحتياج أعداد متزايدة من السكان للمساعدة، يتبادر إلى الأذهان تساؤلٌ مُلّح: هل سيشهد مطار وميناء بيروت نفس المصير الذي لاقته باقي البنى التحتية، أم سيتم حمايتهما بعد إجلاء الرعايا العرب والغربيين؟
من ازدهار 2006 إلى أزمة 2024: رحلة لبنان نحو الهاوية
في عام 2006، عندما خاضت إسرائيل آخر حربها مع جارتها الشمالية، كان لبنان يتمتع باستقرار سياسي نسبي، بقيادة رئيس وحكومة فاعلة. كما كان اقتصاده واعدًا، مدفوعًا بقطاع مصرفي قوي واستثمارات خليجية متدفقة. حينها، كان بإمكان مصرف لبنان المركزي التدخل لحماية الليرة اللبنانية والحفاظ على استقرار سعر صرفها.
وبعد انتهاء الحرب، هبّت العديد من الدول العربية والإسلامية والغربية لنجدة لبنان، حيث ساهمت في تمويل إعادة إعماره من خلال مؤتمرات خصصت منحًا وقروضًا ميسرة لدعم القطاع الخاص وتخفيف العبء على المالية العامة.
أما اليوم، فالوضع مختلف تمامًا. فلبنان غارق في أزمة مالية واقتصادية خانقة، تتمثل في انهيار قيمة الليرة اللبنانية، وتفاقم معدلات التضخم، وتراجع الدعم العربي والدولي، ونضوب احتياطيات البنك المركزي، وانهيار القطاع المصرفي، وفقدان الثقة بمؤسسات الدولة، وانكماش الناتج المحلي الإجمالي.
وأصبح ثلاثة أرباع سكان لبنان اليوم تحت خط الفقر، في ظل توتر العلاقات مع بعض الدول العربية، فيما ستستغرق إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة ووحدات إيواء النازحين وقتًا طويلاً.
تكلفة الحرب: هل سيدفع لبنان الثمن وحيدًا؟
مقارنة بعام 2006، تراجعت قدرة لبنان على تحمل التحديات المالية والاقتصادية بشكل كبير. ففي حرب 2006، تجاوزت الخسائر سبعة مليارات دولار، منها 3.6 مليار دولار أضرارًا في البنية التحتية، و1.6 مليار دولار خسائر في المالية العامة، و2.4 مليار دولار خسائر في الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم صعوبة تقدير تكلفة الحرب الحالية، إلا أن استمرار إسرائيل في سياسة “الأرض المحروقة”، بما في ذلك سيطرتها على بعض أخصب الأراضي الزراعية في جنوب لبنان، ينذر بتكاليف باهظة ستتجاوز بلا شك تكاليف حرب 2006. فمن سيتحمل هذه الأعباء؟ ولأي غرض؟
فبعد حرب 2006، سارعت المملكة العربية السعودية والكويت لإيداع 1.5 مليار دولار لدى مصرف لبنان المركزي، كما ساهمت الدول العربية، خاصة دول الخليج، في منع انهيار الاقتصاد اللبناني. وتلقت بيروت آنذاك حوالي 1.2 مليار دولار من الدول الصديقة والمؤسسات الدولية.
لكن في ظل الظروف الراهنة، لا توجد مؤشرات على إمكانية حصول لبنان على نفس مستوى الدعم لإعادة الإعمار الذي شهده عام 2006. فرغم أهمية المساعدات الواردة في تخفيف وطأة الأزمة، إلا أنها لن تُغ