نداءٌ لحماية إرث لبنان الثقافي في وجه الحرب
(الكلمات المفتاحية: لبنان، تراث ثقافي، بعلبك، صور، يونسكو، حماية، غارات إسرائيلية، حزب الله، حرب، مواقع أثرية)
في ظلِّ تصاعد وتيرة الحرب الدائرة بين حزب الله وإسرائيل، وما تشهده من غارات إسرائيلية متكررة قرب مواقع أثرية لبنانية عريقة، ارتفعت أصواتٌ دولية مُطالبةً بتوفير حماية مُعززة للتراث الثقافي اللبناني المهدد. وقد وجّه أكثر من 300 خبير ومختص في المجال الثقافي، من بينهم علماء آثار وأكاديميون وأمناء متاحف وكتاب من مختلف أنحاء العالم، عريضةً إلى المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، عشية انعقاد جلسة خاصة في باريس لبحث إدراج المواقع الثقافية اللبنانية تحت مظلة “الحماية المعززة”.
تُسلط العريضة الضوء على الخطر المُحدق بالتراث الثقافي اللبناني جراء استهداف المدن التاريخية، لا سيما بعلبك وصور وعنجر، المُدرجة جميعها على قائمة التراث العالمي لليونسكو، بالإضافة إلى معالم تاريخية أخرى. وتأتي هذه الدعوة في أعقاب غارات إسرائيلية استهدفت مؤخراً محيط معابد بعلبك الرومانية في وادي البقاع، ومدينة صور في الجنوب اللبناني، وكلاهما يُعتبر معقلاً لحزب الله. وقد ألحقت هذه الغارات أضراراً بمنزل تراثي يعود تاريخه إلى فترة الانتداب الفرنسي في بعلبك، وسقط أحد الصواريخ قرب معبدٍ رومانيٍّ عريق، مما يُثير مخاوف جدية بشأن سلامة هذه المواقع الأثرية.
وتُطالب العريضة اليونسكو باتخاذ إجراءاتٍ عاجلة لحماية هذه المواقع، بما في ذلك إنشاء “مناطق محظورة” حولها، ونشر مراقبين دوليين، وتطبيق بنود اتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح. كما تدعو الدول المؤثرة إلى الضغط لوقف الأعمال العسكرية التي تُهدد هذه المواقع، وفرض عقوبات على الجهات المُنتهكة للقانون الدولي.
يُذكر أنَّ “الحماية المعززة” التي تسعى اليونسكو لتوفيرها تُمنح للمواقع التراثية ذات الأهمية الاستثنائية، وتكفل لها حصانةً عالية ضد الهجمات العسكرية، وتُتيح مُلاحقة ومعاقبة الأفراد أو الجهات التي تُنتهك هذه الحماية.
مهرجان بعلبك: رمزٌ ثقافيٌّ مُهدد
تُعتبر مدينة بعلبك، بموقعها الأثري الفريد، موطنًا لمهرجان بعلبك الدولي، وهو حدثٌ ثقافيٌّ مرموق تأسس عام 1956، واستضاف على مرِّ السنين أسماءً لامعة في عالم الفن والموسيقى، مثل أم كلثوم وتشارلز أزنافور وإيلا فيتزجيرالد. ويُشكّل استمرار الحرب تهديداً حقيقياً لهذا المهرجان وللإرث الثقافي الذي يُمثله.
إنَّ حماية التراث الثقافي اللبناني ليست مسؤولية لبنان وحده، بل هي مسؤوليةٌ جماعيةٌ تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره. ويُعَدُّ الحفاظ على هذه المواقع الأثرية واجباً أخلاقياً وإنسانياً، لما تُمثله من قيمة تاريخية وحضارية لا تُقدر بثمن.