جدول المحتوى
صيد الطيور: ملاذٌ مرٌّ لأهالي غزة في ظل الحصار
(الكلمات المفتاحية: غزة، حصار، مجاعة، طيور، صيد، خان يونس، نازحين، إسرائيل)
في مشهدٍ يعكس قسوة الواقع الذي يعيشه سكان قطاع غزة، يضطر طارق الشيخ، البالغ من العمر 32 عاماً، إلى صيد الطيور البرية لإطعام أطفاله الستة. فقد هُجّر الشيخ قسراً مع عائلته من منزلهم في مدينة غزة إلى خيامٍ مؤقتةٍ في منطقة المواصي غرب خان يونس، جنوب القطاع، جراء الحرب الأخيرة. لم يقتصر الأمر على فقدان المسكن، بل فقد الشيخ مصدر رزقه الوحيد، محل بقالة صغير، بعد أن دمرته غارة إسرائيلية.
يبدأ يوم الشيخ بمغادرة خيمته باحثاً عن قوت يومه. ينصب فخاً بسيطاً للطيور، عبارة عن شبكةٍ معلقةٍ على عصاٍ مربوطةٍ بحبلٍ طويل، وينثر تحتها بعض الحبوب لجذب الطيور الجائعة. ينتظر بصبرٍ حتى تتجمع الطيور تحت الشبكة، ثم يسحب الحبل بسرعةٍ ليحاصرها. يقول الشيخ لـ “العربي الجديد”: “أصطاد في كل مرة حوالي ثلاثين طائراً، ثم آخذها لزوجتي لتحضيرها كوجبةٍ لأطفالنا. لحم الطيور، وإن كان قليلاً، يبقى مصدر غذاءٍ مهمٍ في هذه الظروف”.
تعلم الشيخ صيد الطيور في طفولته، حيث كان يرافق أقاربه إلى الحدود الشرقية للقطاع. أما اليوم، فباتت مهمة الصيد أكثر صعوبة. فمع تزايد أعداد النازحين وانتشار خيامهم في منطقة المواصي غرب خان يونس، تقلصت المساحات المفتوحة، مما يضطره للتوجه شرقاً، مخاطراً بحياته بالقرب من الجنود الإسرائيليين وفي الأراضي الزراعية المدمرة.
يعاني سكان غزة أزمةً إنسانيةً خانقةً تفاقمت مع الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023. فإلى جانب الدمار الهائل والنزوح الجماعي، تفرض إسرائيل قيوداً مشددةً على دخول المساعدات الإنسانية، وتمنع استيراد اللحوم، بما في ذلك الدواجن ولحوم الأبقار، بحجة محاربة تمويل حماس. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، يعاني أكثر من نصف سكان غزة من انعدام الأمن الغذائي، مما يدفع الكثيرين مثل طارق الشيخ إلى البحث عن طرقٍ بديلةٍ لتوفير الحد الأدنى من الغذاء لعائلاتهم.
(النمط الكتابي: صحفي)
شبح المجاعة يدفع سكان غزة لصيد الطيور
في ظل الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة، وتفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي، يضطر العديد من السكان إلى البحث عن مصادر بديلة للغذاء، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بحياتهم. صيد الطيور، الذي كان في الماضي هواية أو مهنة تقليدية، أصبح اليوم وسيلة للبقاء على قيد الحياة بالنسبة للكثيرين، في مشهد يعكس حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها القطاع.
طارق: من صاحب بقالة إلى صائد طيور
طارق الشيخ، 32 عاماً، أب لستة أطفال، يجسد معاناة سكان غزة. فقد دمرت الحرب الأخيرة منزله ومتجره الصغير في مدينة غزة، مما اضطره للنزوح مع عائلته إلى خانيونس. وبعد أن كان صاحب بقالة، أصبح طارق يعتمد على صيد الطيور لإطعام أطفاله. يخرج كل صباح، ينصب شباكه ويضع الطُعم، آملاً في اصطياد ما يكفي من الطيور لتوفير وجبة متواضعة لعائلته. يقول طارق لـ “العربي الجديد”: “أصطاد في كل مرة حوالي 30 طائراً، أحملها لزوجتي لتحضيرها لنا. لحم الطيور، رغم قلته، يمثل وجبة مميزة لأطفالي”.
مخاطر الصيد بالقرب من الحدود
لا يخلو صيد الطيور من المخاطر، خاصة مع محدودية المساحات الآمنة في غزة. يضطر طارق، كغيره من الصيادين، للتوجه شرقاً، بالقرب من الحدود الإسرائيلية، حيث الأراضي الزراعية، مخاطراً بحياته تحت تهديد الطائرات الإسرائيلية المُسيرة. يقول طارق: “أعيش في خوف دائم من القصف، أعلم أن ما أفعله مغامرة خطيرة، لكن لا خيار آخر أمامي لإطعام أطفالي”.
أزمة غذاء غير مسبوقة
يعاني سكان غزة من أزمة غذاء غير مسبوقة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023. فقد فرضت إسرائيل قيوداً مشددة على دخول المساعدات الإنسانية، ومنعت بشكل كامل دخول اللحوم، بحجة محاربة تمويل حماس. وقد أكد تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر 2024 أن جميع سكان غزة، البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة، يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع تجاوز عتبة المجاعة بشكل كبير. كما أشار التقرير إلى أن سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة يتفاقم بوتيرة مقلقة. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن نصف سكان غزة قد استنفدوا مخزونهم الغذائي ويعانون من جوع كارثي.
صراع يومي من أجل البقاء
وصف أجيث سونغاي، رئيس مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الوضع في غزة بأنه ”صراع يومي رهيب من أجل البقاء”. وأشار في مؤتمر صحفي عبر الفيديو في نوفمبر 2024 إلى مشاهد مروعة لنساء وأطفال يبحثون عن الطعام بين أكوام القمامة.
سياسة التجويع المتعمدة
يتهم خبراء الأمن الغذائي إسرائيل بتطبيق سياسة تجويع متعمدة ضد سكان غزة، خاصة في الشمال، عقاباً لهم على رفضهم أوامر الإخلاء. يقول زايد أبو بكر، خبير الأمن الغذائي، إن الاعتماد على المساعدات الغذائية المعلبة، والتي غالباً ما تفتقر للعناصر الغذائية الأساسية، يزيد من تف